للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاطعًا للحركة لنسكن مما كنا فيه من تعب التصرف والحركة للمعاش نهارًا.

ولو شاء الله بقاء الليل دائمًا أو بقاء النهار دائمًا لفعل, وليس هناك من يستطيع الإتيان بأحدهما, ولذلك قال: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} أي تشكرون الله على مخالفته بين الليل والنهار فتوحدوه وتعبدوه، يقول الطبري: "أفلا ترون بأبصاركم اختلاف الليل والنهار عليكم رحمة من الله بكم وحجة منه عليكم فتعلموا بذلك أن العبادة لا تصلح إلا لمن أنعم عليكم بذلك دون غيره ولمن له القدرة التي خالف بها بين ذلك ... فعل ذلك بكم لتفردوه بالشكر وتخلصوا له الحمد لأنه لم يشركه في إنعامه عليكم بذلك شريك؛ فلذلك ينبغي أن لا يكون له شريك في الحمد عليه"١ انتهى باختصار.

هذه النعم توجب على الإنسان أن يشكر المنعم ويوحده ويعبده، وصرف العبادة للأصنام جحود بنعمة الله وكفر به، ففي آية سورة غافر يقول تعالى بعد ذكر نعمته على الناس: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ, ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} ٢، فأخبر تعالى أن أكثر الناس لا يقومون بشكر نعم الله عليهم والاعتراف بوحدانيته الذي هو المقصود الأعظم من التذكير بالنعم لقوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُم} أي الذي فعل هذه الأشياء وأنعم بها هو الله الواحد الأحد الذي لا إله غيره ولا رب سواه, فكيف تعبدون الأصنام التي لا تنعم عليكم٣.


١ تفسير الطبري ٢٠/١٠٣-١٠٤ وانظر تفسير ابن كثير ٣/٣٩٨.
٢ سورة غافر آية ٦٢.
٣ انظر تفسير الطبري ٧/١٤٣ وص ٢٨٣ و١٤/٨٧ و١٥/٤٨ و١٨/٢٠ و١٩/٢٠ وص٣٢ وانظر تفسير ابن كثير ٢/١٢٣ وص ١٥٨ وص ٥٦٤ و٣/٢٦ وص ٣٢٠ وص٣٧٧ و٤/٨٦ وانظر تفسير الكشاف ٢/٢٤٤ وانظر التفسير القيم لابن القيم ص٣٩١ ومفتاح دار السعادة لابن القيم ١/٢٠٣- ٢١٠.

<<  <   >  >>