للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو يرى نفسه إذن أنه لم يخلق عبثًا لقوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} ١، إنما خلق لعبادة الله القائل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون} ٢.

وغير المؤمن محتار في الأسئلة السابقة, ممزق النفس، نظره ضيق، وهدفه غير واضح، يمثل هذا عمر الخيام في قصيدته التي يقول فيها:

لبست ثوب العمر لم أُستَشر ... وجرت فيه بين شتى الفكر

وسوف أنضو الثوب عني ولم ... أدر لماذا جئت أين المفر؟

٦- والعقيدة توقظ الضمير فتجعله مراقبًا لله دائمًا لا يعتريه ضعف ولا يتبدل بالأمكنة والأزمنة؛ لأنه مستند لعقيدة سليمة، فهو في حذر دائم ضد الشر وبواعثه, وضد النفس وشهواتها, وضد الشيطان ونزغاته, لقوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّا} ٣.

لذلك عندما عمرت العقيدة الضمائر والقلوب، صلح الظاهر والباطن حتى كأن على كل إنسان شرطيًّا يراقبه لإيمانهم بقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد} ٤، وبقوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} ٥، وبقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاء} ٦، وبقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ


١ سورة المؤمنون آية ١١٥.
٢ سورة الذاريات آية ٥٦.
٣ سورة فاطر آية ٦.
٤ سورة ق آية ١٨.
٥ سورة غافر آية ١٩.
٦ سورة آل عمران آية ٥.

<<  <   >  >>