للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دلّل على وحدانيته بخلق السموات والأرض وخلق الإنسان من نطفة، وخلق الأنعام وما فيها من المنافع للإنسان، ثم ذكر إنزال المطر للشرب وسقي النبات، وذكر آية الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وما فيها من العظمة والنعمة، ثم ذكر البحر والسفن التي تمخره وما فيه من اللحم والحلي، ثم ذكر الأرض ورواسيها وطرقها، ونبه تعالى إلى دليل الخلق مجملًا بقوله: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُون} ١ ثم ختم الآيات بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ، أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ، إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} ٢، فانظر كيف تعاونت هذه الأدلة جميعًا للدلالة على وحدانية الله، وكما بدئت بذكر الوحدانية ختمت بالنص عليها.

ومثال آخر من سورة النحل كذلك من قوله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} إلى قوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ الْكَافِرُونَ} ٣.

ففي هذه الآيات نص سبحانه وتعالى على الوحدانية ثم ذكر دليل النوائب, وأنه لا كاشف للبلاء في البر والبحر غيره, والتجاء المشركين له وحده في النوائب، ثم ذكر دليل المثل الأعلى وكراهية المشركين للأنثى، ثم ذكر المطر وإحياءه للأرض، ثم نعمة الأنعام واللبن السائغ للشاربين، ثم ذكر نعمة الثمرات.. واستخراج النحل منها عسلًا، ثم ضرب لهم مثلًا بعدم إشراك السادة عبيدهم في رزقهم، وذكرهم بنعمة الأزواج والأولاد، ثم نبه على عبادة المشركين لما لا يملك لهم رزقًا، ثم ضرب مثلًا لنفسه تعالى ولما يعبد من دونه ونبه على خلق الإنسان وتسخير الطير ونعمة السكن وما يؤخذ من الأنعام، وفي آخر الآيات يقول تعالى: {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَه


١ سورة النحل آية ١٧.
٢ سورة النحل آية ٢٠-٢٢.
٣ سورة النحل آية ٥١-٨٣.

<<  <   >  >>