للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- طريقة القرآن تنفي الشكوك والشبهات لإتيانها بمعانٍ صحيحة ثابتة

إن طريقة القرآن تنفي كل شبهة وغبش حول العقيدة؛ لأنها تفصل فصلًا تامًّا بين حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية، والقرآن عندما يستدل على وجود الله ووحدانيته بخلق الإنسان يستدل بحدوث الإنسان نفسه وأن عينه مخلوقة والله وحده هو الخالق.

أما طريقة المتكلمين فالاستدلال عندهم بحدوث الأعراض، والخلق عندهم عبارة عن جمع وتفريق لجواهر الإنسان المنفردة التي لا تتجزأ وهي قديمة بنفسها والحادث هو أعراضها، وبسلوكهم هذا الطريق أثيرت الشبه وتوسعوا في البحث حتى لم تعد طريقتهم ترد شبهة وليس فيها معنى صحيحا ثابتًا.

وأما طريقة الفلاسفة فهي أكثر إثارة للشبه ومعانيها كلها محتملة لأكثر من معنى١.

وكما قلنا في خلق الإنسان نقول في الكون كله، فالقرآن عندما ينبه إلى دليل الخلق في الكون يعني بذلك حدوث الكون ذاته، لا حدوث أعراضه، فقولنا السماء مبدعة مخلوقة: نعني بذلك على طريقة القرآن أن الله خلق ذاتها مباشرة، وهكذا كل شيء مخلوق فالله أحدث عينه، أي خلقه وأحدثه بعد أن لم يكن، وليس الحدوث فقط للأعراض ولا هو صدور للعلة عن معلولها، والله وحده هو المختص بالقدم وليس قديم غيره لا العالم ولا مادته ولا جواهره٢.


١ انظر مجموعة تفسير شيخ الإسلام ص٢٠٧-٢٠٨ وضحى الإسلام ٣/١٥.
٢ انظر الفتاوى ٢/١٢ وص ٢٦٠ والرد على المنطقيين ص٣٨١ وموافقة صحيح المنقول لصريح المعقول ١/٧١ وص ١٤١ وإغاثة اللهفان ١/٤٤-٤٥.

<<  <   >  >>