للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يغير من حقيقتها شيئًا وأنها مخلوقة، ولا تكون آلهة حقيقة لأن الإله الحق لا يكون معبودًا بحق حتى يكون لعابده خالقًا ورازقًا ومدبرًا له، وعليه مقتدرًا، فمن لم يكن كذلك كالأصنام وغيرها فليس بإله على الحقيقة، وإطلاقهم اسم الآلهة عليها، إنما هو من حيث المعاني والاعتقادات، ومن حيث أنهم خصوها ببعض صور العبادة التي هي حق الله تعالى, ومن حيث أنهم كانوا يرجون شفاعتها ويعتقدون فيها النفع والضر كما قال تعالى عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ١.. وغير ذلك مما كان من توابع الألوهية وهو حق محض لله تعالى، لأنه هو سبحانه المستحق لجميع صفات الكمال والمنزه عن جميع صفات النقص، فلا يستحق أن يكون معبودًا محبوبًا لذاته إلا هو تعالى, فعبادة غيره وحب غيره موجب للفساد كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} ٢ ٣.

يقول ابن القيم رحمه الله حول قوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُم} ٤:

"ولكن من أجل أنهم نحلوها أسماء باطلة كاللات والعزى وهي مجرد أسماء كاذبة باطلة لا مسمى لها في الحقيقة، فإنهم سموها آلهة وعبدوها لاعتقادهم حقيقة الإلهية لها، وليس لها من الإلهية إلا مجرد الأسماء لا حقيقة المسمى، فما عبدوا إلا أسماء لا حقائق لمسمياتها، وهذا كمن سمى قشور البصل لحمًا وأكلها فيقال: ما أكلت من اللحم إلا اسمه لا مسماه، وكمن سمى التراب خبزًا وأكله فيقال:


١ سورة الزمر آية ٣.
٢ سورة الأنبياء آية ٢٢.
٣ انظر لسان العرب ١٣/٤٦٧ والتنبيهات السنية ص٤
٤ سورة يوسف آية ٤٠.

<<  <   >  >>