للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- الجزاء الوجداني:

وأما الجزاء الوجداني فهو تلك الحركة الشعورية التي نحس بها في أعماق قلوبنا بالفرح أو التأنيب بعد كل فعل مباشرة نعتقد أنه فعل حسن أو قبيح.

هذا الشعور أو الإحساس المتحرك الذي يجيش في نفوسنا يختلف درجة من فرد إلى آخر بحسب الاستعداد الفطري أو الوراثي والتربية الأخلاقية وصفاء الضمير ونظافته وإيمانه بموافقة ذلك العمل لإرادة الله أو مخالفته لها.

ولعل هذا هو المعنى الذي أشار إليه الرسول عندما عرَّف البر والإثم فقال: "البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" ١, وفي رواية أخرى: "البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس" , وفي رواية ثالثة: "البر ما انشرح له صدرك والإثم ما حاك في صدرك وإن أفتاك الناس" ٢.

فالوجدان أو الضمير يعتبر محكمة عدل مباشرة لا تحتاج إلى شاهد ولا قاضٍ يخبرك بخيرية الفعل أو شريته قبل الفعل ويجزيك بالسرور إن كان فعلا حسنا وبالوخز والألم إن كان شرا.

إن قيمة هذا الجزاء أكثر تأثيرا من قيمة الجزاء المادي؛ لأن هذا الأخير وقتي وقد يصيب ويخطئ وقد يكون مكافئا للعمل أو لا يكون، أما الأول فهو مصيب مستمر؛ ولهذا قال علماء علم النفس: إن المجرمين تحت عقاب مستمر وإن نجوا


١ صحيح مسلم جـ٤ ص١٩٨ كتاب البر والصلة والآداب جـ١٥.
٢ مسند الإمام أحمد جـ٤ ص ٢٢٨.

<<  <   >  >>