للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثالث: في التخريج المبني على المتن والأسناد وطرق تخريجهما]

[مدخل]

...

المدخل: حاجة التخريج وحتمية دراسة الأسانيد

بعد هذا العرض لكتب التخريج، أدخل في التخريج وطرقه ووسائله، معلوم لدينا أن أكثر المتقدمين - غير الذين التزموا بإخراج الأحاديث الصحيحة – يسوقون الأحاديث بأسانيدها من غير التزام ببيان الحكم على الإسناد وبيان درجة الحديث في الغالب، وذلك لمعرفتهم بالرواة ومروياتهم، كما ذكر الحافظ ابن رجب فقال: «.... ومنهم من لم يشترط الصحة، وجمع الصحيح وما قاربه وما فيه بعض لين وضعف. أكثرهم لم يكتبوا ذلك، ولم يتكلموا على الصحيح والضعيف، وأوَّل من علمناه بين ذلك أبو عيسى الترمذي - رحمه الله – وقد بَيَّنَ في كلامه هذا أنه لم يسبق إلى ذلك ... » (١) .

فحاجة التخريج قائمة ودراسة الأسانيد حتمية على ضوء الضوابط القويمة والموازين العادلة الدقيقة لكن لمن؟ لصاحب الخبرة في هذا الفن والماهر بأصوله وشتى مراحله كما قال د. بكر أبو زيد: «فليس أمر التخريج هملاً، يدخل فيه من شاء وكيف شاء، وإنما هو دين لا يدخله إلا من تحلَّى بأصوله، وعرف أحكامه وحدوده وإلا فلا يتعنّ ... » (٢) .

فعلم التخريج لاشك أنه ليس بسهل وهو في الصعوبة بمكان، إلا أنه ليس للعلماء بُدُّ دونَه فيما عدا الصحيحين، حيث إنهما كفيانا مؤونة ذلك، وتلقت الأمة كتابيهما بالقبول، فليس لأحد دراسة أسانيدهما، إنما الحاجة قائمة في غيرهما ولمن هو أهل لذلك.


(١) انظر: شرح علل الترمذي له (١/٣٤٤-٣٤٥) تحقيق د. همام عبد الرحيم سعيد، مكتبة المنار، الأردن، ط/ الأولى، عام ١٤٠٧هـ.
(٢) التأصيل/ ١٤.

<<  <   >  >>