للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكثر تشابهًا، وتشترك في صفات أكثر من الصفات التي تشترك فيها مع باقي اللغات السامية. وتنقسم الأسرة الهندية - الأوربية بدورها إلى عدة أفرع، فإذا قارن أحد الباحثين اللغة الأردية باللغة الفرنسية مثلا لم يستطع أن يتبين أوجه شبه تذكر، ولكن أوجه الشبه تتضح بمقارنة اللغات الفرنسية والإيطالية والإسبانية والرومانية. ترجع هذه اللغات إلى أصل واحد هو اللاتينية ولذا تكون هذه اللغات فرعًا واحدًا من أفرع الأسرة الهندية - الأوربية وهو الفرع الروماني. وهناك أوجه شبه كبيرة بين الإنجليزية والألمانية وغيرهما من لغات الفرع الجرماني من الأسرة الهندية - الأوربية. تتضح أوجه الشبه بصورة متزايدة كلما كانت النصوص موضع البحث قديمة. ولذا فقد أمكن عن طريق مقارنة اللغات الأقدم في كل فرع من أفرع الأسرة الهندية - الأوربية إثبات أن هذه اللغات من أصل واحد هو اللغة الهندية الأوربية الأولى، وكانت مهمة البحث بعد ذلك بيان أوجه الاختلاف بين هذه اللغات وتفسير ذلك بقوانين تاريخية١.

يقوم علم اللغة المقارن على دراسة مجموعة من اللغات المنتمية إلى أسرة لغوية واحدة وليس المقصود بذلك القدرة على التحدث بهذه اللغات القديمة والحديثة أو القدرة على الكتابة بهذه اللغات، بل المقصود بحث هذه اللغات، فعلى الرغم من ضرورة معرفة الباحث المقارن بكل اللغات موضع المقارنة فعليه أن يبحث بنية ومعجم هذه اللغات بهدف إيضاح العلاقة التاريخية التي تربط لغات الأسرة الواحدة وأن يفسر هذه العلاقات بقوانين ثابتة مطردة، لقد أثبت تاريخ الحضارة في الشرق والغرب أن مجرد المعرفة باللغات المتشابهة والمختلفة لا يعني بالضرورة قيام بحث مقارن فيها، فلم يؤد معرفة كثير من العلماء على مدى القرون بعدة لغات إلى قيام دراسات مقارنة بالمعنى الذي حدث في القرن التاسع عشر، ففي العصور الوسطى كان كثير من العلماء يؤلفون بلغات ويتحدثون في حياتهم اليومية بلغات أخرى.


١ حول ملامح واتجاهات التغير اللغوي:
H. paul, prinzipien der Sprachgeschichte. ١٨٨٦, tubingen ١٩٦٠.
وقد ترجم هذا الكتاب إلى الإنجليزية:
principals of the history of language. london ١٨٩٠.

<<  <   >  >>