للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٢- علوم اللغة بين العلوم:

هناك فرق أساسي بين مكانة علوم اللغة في التراث العربي ومكانة علم اللغة بين العلوم الحديثة. فإذا كانت مدارس علم اللغة المتتابعة عبر القرون تختلف في مناهج التحليل اختلافًا كبيرًا فإن الفرق الأساسي بين علم اللغة في التراث العربي وعلم اللغة الحديث ينبع من مكان علم اللغة بين العلوم، كان البحث اللغوي عند العرب أداة لفهم الدين، وقد ارتبط منذ نشأته بالبحث في لغة القرآن الكريم، وظل هذا الارتباط قائمًا في الدوائر العلمية على مدى القرون. وظهر هذا بصفة خاصة عند المؤلفين المسلمين من غير العرب، مثل الثعالبي وأبي حاتم الرازي والخوارزمي والتهانوي. فالثعالبي يرى العربية خير اللغات والألسنة والإقبال على تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين١. وقد جاء أبو حاتم الرازي للغات العربية والعبرية والسريانية والفارسية أفضل لغات الأرض لأن الكتب الدينية دونت بها، فالمعيار الديني هو معيار تفضيل لغة على لغة. ومن ثم فهو يرفض أيضا الرأي القائل بفضل اللغة اليونانية والهندية لأن كتب الفلاسفة والأطباء وأصحاب النجوم والهندسة والحساب بها.٢ لقد كان


١ فقه اللغة ص١، ط ١٩٥٤
٢ كتاب الزينة، ص٦١.

<<  <   >  >>