للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام مسلم: "ومما ذكرت لك من منازلهم في الحفظ ومراتبهم فيه فليس من ناقل خبر وحامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا -وإن كان من أحفظ الناس وأشدهم توقياً وإتقاناً لما يحفظ وينقل- إلا الغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله، فكيف بمن وصفت لك ممن طريقه الغفلة والسهو في ذلك" (١) ؟

ومن أهميته أن هذا العلم خاص بأهل الحديث الذين أخرجهم الله لحفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لا يصحّ لمن ليس له عناية خاصة بهذا العلم أن يتكلم فيه بالتصحيح والتسقيم.

قال الإمام مسلم: "واعلم رحمك الله أن صناعة الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم، إنما هي لأهل الحديث خاصة؛ لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفون لها دون غيرهم، إذ الأصل الذي يعتمدون لأديانهم السنن والآثار المنقولة من عصر إلى عصرٍ من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا، فلا سبيل لمن نابذهم من الناس، وخالفهم في المذهب إلى معرفة الحديث، ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار من نقلة الأخبار وحُمّال الآثار، وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميّزونهم حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح، وإنما اقتصصنا هذا الكلام لكي نثبته لمَن جهل مذهب أهل الحديث ممن يريد التعلم والتنبّه، على تثبيت الرجال وتضعيفهم فيعرف ما الشواهد عندهم والدلائل التي بها أثبتوا الناقل للخبر من نقلته، أو أسقطوا من أسقطوا منهم، والكلام في تفسير ذلك يكثر، وقد شرحناه في مواضع غير هذا وبالله التوفيق" (٢) .


(١) التمييز (ص١٢٤) ، تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي. ط١.
(٢) التمييز (ص١٧١) .

<<  <   >  >>