للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وضبط الكتاب قد يعتوره بعض الخلل في المقابلة والتصحيح، وقد يتمكن أحدٌ من المفسدين من كتاب الشيخ فيفسد عليه كتابه، ولذلك كانوا يبخلون عن إعارة كتبهم، وعدمُ إعارتهم للكتاب كان يعد مدحاً فيهم.

قال الإمام أحمد: قال أبو قطن (عمرو بن الهيثم) - وكان ثبتاً -: "ما أعرت كتابي أحداً قط" (١) .

وقال علي بن قادم: سمعت سفيان يقول: "لا تُعِرْ أحداً كتاباً". وقال الربيع بن سليمان: كتب إليّ البويطي: "احفظ كتبك، فإنه إن ذهب لك كتاب لم تجد مثله" (٢) .

وكأن هذا -والله أعلم- خوفاً من ضياع الكتب، وكذلك من التغيير والتبديل.

وكان بعض ضعاف النفوس يُدخل في كتب الناس أحاديث ليست من أحاديثهم، منهم حبيب بن أبي حبيب أبو محمد المصري وقيل المدني كاتب مالك، قال ابن حبان: كان يورّق بالمدينة على الشيوخ، ويروي عن الثقات الموضوعات، كان يدخل عليهم ما ليس من حديثهم، وسماع ابن بكير وقتيبة كان بعَرْض ابن حبيب، ذكره الذهبي في "الميزان" (٣) .

وقال ابن حبان في مقدمة كتابه "المجروحين": "وجماعة من أهل المدينة امتحنوا حبيب بن أبي حبيب الورّاق، كان يُدْخل عليهم الحديث، فمن سمع بقراءته عليهم فسماعه لا شيء. كذلك كان عبد الله بن ربيعة القدامي


(١) العلل ومعرفة الرجال (١/٣٣٥) ، رقم النص: ٦٧٨.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (١/٢٤١) .
(٣) ميزان الاعتدال (١/٤٥٢) .

<<  <   >  >>