للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: في ذكر أمثلة وقعت العلة فيها لأجل الشذوذ]

وأما الشذوذ فقد مضى تعريفه، كما مضى ذكر الراجح في تعريفه، وهو: اشتراط مخالفة الراوي الثقة لمن هو أوثق منه، أو مخالفته جماعة من الثقات.

وهذا السبب كاد أن يكون هو السبب الغالب في إثبات علة الحديث، لذا نرى الأئمة إذا ذكروا حديثاً في بعض الأحيان من طريق واحد أو إسناد خاص أو ذكروا المتن بلفظ خاص فيحشدون لَه طرقاً كثيرة لإثبات العلة وتعيين الصواب فيه.

وهذه سيما يتميز بها كتاب "العلل" للدارقطني، ومن قبل كتاب "التمييز" للإمام مسلم رحمه الله.

والشذوذ قد يكون في الإسناد بذكر راوٍ تفرد عنه أحد الرواة في حين خالفه الأكثرون.

وقد يكون في المتن برفع موقوف أو وقف مرفوع أو إرسال موصول، أو وصل مرسل.

وقد مضى قول الأئمة: السبيل إلى معرفة علة الحديث أن تجمع بين طرقه وتنظر في اختلاف رواته وتعتبر أي الخطأ والصواب بمكانهم من الحفظ.

وقال ابن المديني: "الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه" (١) .


(١) توضيح الأفكار (٢/٢٨-٢٩) .

<<  <   >  >>