للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: أثر عناية العلماء بالإسناد في حفظ السنة النبوية]

ألمحت في المباحث السابقة إلى أهمية الإسناد وعناية العلماء به، ولا شك أن هذه العناية أثمرت ثماراً طيبة، وكان لها أكبر الأثر في حفظ السنة النبوية، ولا يمكن تعداد هذه الثمار واستيعابها في هذه العجالة، ولكن أذكر نماذج لتلك العناية وأثرها في حفظ السنة النبوية. فمن ذلك:

أولاً: الرحلة في طلب الحديث، وهي ثمرة من ثمار العناية بالإسناد حيث نشط المحدثون في الأسفار، وقطعوا الفيافي والقفار في طلب الحديث وجمعه من أفواه الرجال، فربما رحل الرجل الأيام والليالي في طلب حديث واحد (١) ، ولهم قصص مشهورة في ذلك تدل على حرصهم واجتهادهم في طلب الحديث وتدوينه (٢) ، وكم من رجل لو لم يقيض الله عز وجل المحدثين للرحلة إليه والأخذ عنه، لمات حديثه معه، ولم يستفد منه أحد.

ومن فوائد الرحلة في طلب الحديث أيضاً: تحصيل الأسانيد العالية بمشافهة كبار الشيوخ، وتقليل الوسائط في نقل الحديث، فيكون أقرب إلى السلامة من الخلل، وفي ذلك حفظ للسنة (٣) .


(١) انظر: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي: (ص٢٢٣) ، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر: (١/٣٩٥-٣٩٦) .
(٢) انظر: الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر: (١/٣٨٨-٤٠٠) .
(٣) انظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي: (١/١١٦، ٢/٢٢٣) .

<<  <   >  >>