للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد بلغ مِنْ كثرة ما كتب من الأحاديث وطرقها المتعددة: أنه كان يرى كل حديث ليس عنده فهو كذب، أكد هذا حينما دخل عليه محمد بن نصر الطبري ووجد عنده أسفاطا (١) كثيرة فقال له: ((كل حديث لا يوجد هاهنا - وأشار بيده إلى الأسفاط- فهو كذب)) (٢) وأيد كثير من العلماء قوله ذلك فقال أحمد: ((كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين فليس هو بحديث)) . وفي رواية: ((فليس هو ثابتا)) (٣) .

وقال ابن المديني مؤكداً كثرةَ كَتْبِه للحديث: "لا نعلم أحدا من لدن آدم عليه السلام كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين" (٤) . وصرح ابن معين نفسه بذلك فقال: "كتبت ألف ألف حديث" (٥) .

- الإكثار من كتب الحديث عن الكذّابين: إذ كان يكتب أيضا عن الكذّابين والوضّاعين، ورآه أمرا ضروريا للمحدث الناقد حيث قال: "وأي صاحب حديث لا يكتب عن كذَّاب ألف حديث! " (٦) .

وقد بيّن ابن معين فضل ذلك فقال: "أكتب هذه الصحيفة عن عبد الرزاق عن معمر على الوجه فأحفظها كلها وأعلم أنها موضوعة، حتى لا يجيء إنسان بعده فيجعل أبان ثابتا ويرويها عن معمر عن ثابت لا عن أبان» (٧) .


(١) الأسفاط مفردها سفط وهي الدفاتر، فارسي معرب، قال الأصمعي: هو بالرومية (انظر مختار الصحاح ص ٣٠١ مادة س - ف - ط) .
(٢) تهذيب التهذيب ١١/٢٨٢.
(٣) تاريخ بغداد ١٤/١٨٠.
(٤) تذكرة الحفاظ ١/٤٣٠.
(٥) المصدر نفسه ١/٤٣٠.
(٦) تاريخ بغداد ١/٤٣.
(٧) تهذيب التهذيب ١/١٠١.

<<  <   >  >>