للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولم يكتفوا بذلك، بل رفعوا من شأن الإسناد وجعلوه من الدين، فقال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله: «الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء: ما شاء» (١) . وأتمّ بعض من روى هذه الكلمة المشهورة فذكرها بلفظ: «الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء: ما شاء، فإن قيل له: من حدّثك؟ بقي» أي بقي ساكتا مفحَما، أو بقي ساكتا منقطعا عن الكلام (٢) .

وحكى ابن خير الإشبيلي في فهرسته اتفاق العلماء على أنه لا يحل لمسلم أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذا، حتى يكون هذا القول مرويا ولو على أقل وجوه الروايات.» (٣)

فلا غرو إذاً أن يصبح الإسناد بالشأن والقدر اللذين أعطيا له، وأن يعدّ خصيصة فاضلة من خصائص الأمة الإسلامية أكرمها الله وخصّها بها، دون سائر الأمم كلها قديمها وحديثها.


(١) مقدمة صحيح الإمام مسلم ١/١٥، وجامع الترمذي كتاب العلل ٥/٦٩٥، والمحدث الفاصل للرامهرمزي ص ٢٠٩، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي ١/١٦، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص ٦، والتمهيد لابن عبد البر ١/٩٥.
(٢) تتبع الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة، رحمه الله، المواطن التي وقعت فيها هذه الزيادة في المصادر المذكورة أعلاه وفي غيرها، والتحريف الكبير الذي وقع فيها من قبل بعض النساخ أو المحققين، وذلك في كتابه النافع "الإسناد من الدين" ص ٥١ وما بعدها، وفي تحقيقه كتاب "الأجوبة الفاضلة عن الأسئلة العشرة الكاملة" للإمام محمد عبد الحي اللكنوي، حاشية ص ٣٣.
(٣) فهرست ابن خير، ص ١٦-١٧.

<<  <   >  >>