للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرح الباب ٢٧

باب: ما جاء في التطير وقول الله تعالى:

{أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٣١] .

وقوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: ١٩] . عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى" العدوى هنا مجاوزة العلة من صاحبها إلى غيره يقال: أعدى فلان فلاناً من حلقه أو من علة به، هذا على ما يذهب به المتطببة في عِلَلِ سبع: الجذام، والجرب، والجدري، والحصبة، والبخر، والرمد، والأمراض الوبائية.

وقد اختلف العلماء في التأويل فمنهم من يقول: إن المراد منه نفي ذلك وإبطاله على ما يدل عليه ظاهر الحديث والقرآن، المسبوقة على العدوى وهم الأكثرون ومنهم من يقول: إنه لم يرد إبطالها فقد قال صلى الله عليه وسلم: "فر من المجذوم، كما تفر من الأسد" ١. وقال: "لا يوردن ذو عاهة على مصح" ٢ وإنما أراد بذلك نفي ما كان يعتقده أصحاب الطبيعة فإنهم كانوا يرون أن العلل المعدية مؤثرة لا محالة فأعلمهم صلى الله عليه وسلم بقوله هذا أن الأمر ليس على ما تتوهمون بل هو متعلق بالمشيئة إن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن، ويشير إلى هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فمن


١ أخرجه البخاري (٥٧٠٧) تعليقاً، وقد وصله أحمد في المسند (٢/٤٤٣) وهو صحيح وله شاهد من حديث عائشة.
٢ أخرجه مسلم (٢٢٢١) وأبو داود (٣٩١١) من حديث أبي هريرة مرفوعاً وفي رواية مسلم أن أبا سلمة بن عبد الرحمن حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى" ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يورد ممرض على مصح". قال أبو سلمة: كان أبو هريرة يحدثهما كلتيهما ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قوله: "لا عدوى" وأقام على: "أن لا يورد ممرض على مصح".

<<  <   >  >>