للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرح الباب ٣٤

باب في بيان ما جاء أن من الإيمان الصبر على أقدار الله

وذلك لأن المؤمن يعلم علم اليقين أن الله تعالى لا يفعل إلا الذي يصلح عباده ولو جهل الإنسان مورده ومصدره فإنه في الإصلاح قطعاً وأنه خير له قال تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} . [النساء: ١٩] . وقال: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} . [البقرة: ٢١٦] . فالمؤمن يؤمن بذلك كله ويسلم الأمر إلى الله.

قال الإمام أحمد: ذكر الله الصبر في القرآن في نحو تسعين موضعاً وهو واجب بإجماع الأمة وهو نصف الإيمان فالإيمان نصفان: نصفه صبر ونصفه شكر وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضياء.

وفي الحديث الصحيح: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له، وإن أصابته سراء فشكر فكان خيراً له وما ذلك إلا للمؤمن" ١. وقال للمرأة السوداء التي تصرع فسألته أن يدعو لها قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: إذاً فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها" ٢.

وأمر الأنصار أن يصبروا على الفتن التي يلقونها بعده حتى يلقوه على الحوض، وأمر عند ملاقاة العدو بالصبر وعند المصيبة وأخبر أن الصبر عند الصدمة الأولى، وأمر المصاب بأنفع الأمور له وهو الصبر والاحتساب بأن ذلك يخفف مصيبته ويثبت أجره والجزع والسخط


١ أخرجه مسلم (٢٩٩٩) من حديث صهيب.
٢ أخرجه البخاري (١٠/٩٩) ومسلم (٢٥٧٦) من حديث ابن عباس.

<<  <   >  >>