للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأمر بالعلم، فإذا تعلمت فإنك ممتثل لأمر الله عز وجل.

الأمر الثاني: رفع الجهل عن نفسه وعن غيره:

أن ينوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسه وعن غيره؛ لأن الأصل في الإنسان الجهل، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: ٧٨] .

والواقع يشهد بذلك فتنوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسك وبذلك تنال خشية الله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] .

فتنوي رفع الجهل عن نفسك؛ لأن الأصل فيك الجهل، فإذا تعلمت وصرت من العلماء انتفى عنك الجهل، وكذلك تنوي رفع الجهل عن الأمة ويكون ذلك بالتعليم بشتى الوسائل لتنفع الناس بعلمك.

وهل من شرط نفع العلم أن تجلس في المسجد في حلقة؟ أو يمكن أن تنفع الناس بعلمك في كل حال؟

الجواب: بالثاني؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "بلِّغوا عني ولو آية" ١.

لأنك إذا علَّمت رجلا علمًا وعلَّمه رجلا آخر صار لك أجر رجلين، ولو علَّم ثالثا صار لك أجر ثلاثة وهكذا، ومن ثَمَّ صار من البدع أن الإنسان إذا فعل عبادة قال: اللهم اجعل ثوابها لرسول الله لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي علمك بها وهو الذي دلك عليها فله مثل أجرك.

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. قالوا:كيف ذلك؟ ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره لأن الأصل فيهم الجهل كما هو الأصل فيك، فإذا تعلمت من أجل أن ترفع الجهل عن هذه الأمة كنت من المجاهدين في سبيل الله الذين ينشرون دين الله.


١ صحيح: رواه البخاري ٣٤٦١, والترمذي ٢٦٦٩. وأحمد ٢/١٥٩, ٢٠٢.

<<  <   >  >>