للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لِمَ؟ والإنسان مسؤول عن عمله بأداتين من أدوات الاستفهام "لِمَ" و "كيف" فلِم عملت كذا؟ هذا الإخلاص. كيف عملت كذا؟ هذا المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأكثر الناس الآن مشغولون بتحقيق جواب "كيف" غافلون عن تحقيق جواب "لِم" ولذلك تجدهم في جانب الإخلاص لا يتحرون كثيرًا، وفي جانب المتابعة يحرصون على أدق الأمور، فالناس الآن مهتمون كثيرًا بهذا الجانب، غافلون عن الجانب الأهم وهو جانب العقيدة وجانب الإخلاص وجانب التوحيد.

لهذا تجد بعض الناس في مسائل الدين يسأل عن مسألة يسيرة جدًّا جدًّا وقلبه منكبّ على الدنيا غافل عن الله مطلقًا في بيعه وشرائه، ومركوبه، ومسكنه، وملبسه، فقد يكون بعض الناس الآن عابدًا للدنيا وهو لا يشعر، وقد يكون مشركًا بالله في الدنيا وهو لا يشعر، لأنه مع الأسف الشديد لا يهتم بجانب التوحيد وجانب العقيدة، وهذا ليس من العامة فقط ولكن من بعض طلاب العلم وهذا أمر له خطورته.

كما أن التركيز على العقدية فقط بدون العمل الذي جعله الشارع كالحامي والسور لها خطأ أيضًا؛ لأننا نسمع في الإذاعات ونقرأ في الصحف التركيز على أن الدين هو العقيدة السمحاء وما أشبه ذلك من العبارات، وفي الحقيقة أن هذا يُخشى أن يكون بابًا يلج منه مَن يلج في استحلال بعض المحرمات بحجة أن العقيدة سليمة، ولكن لا بد من ملاحظة الأمرين جميعًا ليستقيم الجواب على لم وعلى كيف.

وخلاصة الجواب: أنه يجب على المرء دراسة علم التوحيد والعقيدة؛ ليكون على بصيرة في إلهه ومعبوده - جل وعلا - على بصيرة بأسماء الله، وصفاته، وأفعاله، على بصيرة في أحكامه الكونية، والشرعية، على بصيرة في حكمته، وأسرار شرعه وخلقه، حتى لا يضلّ بنفسه أو يضل غيره.

وعلم التوحيد هو أشرف العلوم لشرف متعلقه؛ ولهذا سماه أهل العلم (الفقه الأكبر) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" ١.

وأول ما يدخل في ذلك وأولاه علم التوحيد والعقيدة، لكن يجب على المرء


١ متفق عليه رواه البخاري ٧١, ٣١١٦, ٧٣١٢. ومسلم ١٠٣٧.

<<  <   >  >>