للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٩- باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين

وقول الله: عز وجل {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ١.

وفي "الصحيح": عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قول الله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} ٢.

..................................................................................................

قوله: "باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين " قد أنذر صلي الله عليه وسلم أمته من الغلو، وأبلغ في الإنذار تحذيرا عما وقع من جهالة هذه الأمة كما سيأتي ذكره.

قوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ٣ الآية. الغلو هو الإفراط في التعظيم بالقول والاعتقاد، أي لا ترفعوا المخلوق عن منزلته التي أنزله الله، والخطاب وإن كان لأهل الكتاب فهو تحذير لهذه الأمة أن يفعلوا مع نبيهم صلي الله عليه وسلم كما فعلت النصارى مع المسيح وأمه، واليهود مع العزير، وقد وقع ذلك الشرك في العبادة في هذه الأمة نظما ونثرا كما في كلام البوصيري والبرعي وغيرهما، وفيما فعلوه من الغلو والشرك محادة لله ولكتابه ولرسول الله صلي الله عليه وسلم فأين ما وقع فيه هؤلاء الجهلة من قول من قال للنبي صلي الله عليه وسلم: "أنت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا". فكره ذلك صلي الله عليه وسلم أشد الكراهة - كما سيأتي في الكلام على هذا الحديث إن شاء الله تعالى٤ وقول القائل: ما شاء الله وشئت - فقال: "أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده"٥. قال شيخ الإسلام: "ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى وغلا في الدين بإفراط فيه أو تفريط فقد شابههم. قال: وعلي رضي الله عنه حرق الغالية من الرافضة، فأمر بأخاديد خدت لهم عند باب كندة فقذفهم فيها، واتفق الصحابة على قتلهم، لكن ابن عباس مذهبه أن يقتلوا بالسيف من غير تحريق، وهو قول أكثر العلماء".

قوله: في الصحيح أي صحيح البخاري، وهذا الأثر اختصره المصنف - رحمه الله -، والذي في البخاري عن ابن عباس: صارت الأوثان التي في قوم نوح في العرب بعد، أما


١ سورة النساء آية: ١٧١.
٢ سورة نوح آية: ٢٣.
٣ سورة النساء آية: ١٧١.
٤ انظر ص (٢٥٨) .
٥ انظر ص (٢١١) .

<<  <   >  >>