للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٧ - باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

وقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} ١ الآيتين.

.....................................................................................................

قوله: "باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا ". أراد المصنف - رحمه الله - بهذه الترجمة وما بعدها أن العمل لأجل الدنيا كالرياء في بطلان العمل إن استرسل معه، كمن يطلب العلم لتحصيل وظيفة التعليم، كحال أهل المدارس وأئمة المساجد والمجاهدين ونحوهم ممن يقصد بعمله الصالح أمر دنيا، وقد وقع ذلك كثيرا حتى أن منهم من يحرص على سفر الجهاد لما يحصل له فيه من جهة أمير الجيش واجتماعه به وأمره له ونهيه وقربه منه ونحو ذلك.

قوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} الآيتين. قال ابن عباس: "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" أي ثوابها "وزينتها" أي مالها "نوف" نوفر "إليهم" ثواب "أعمالهم" بالصحة والسرور في المال والأهل والولد "وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ" لا ينقصون ثم نسختها {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ} ٢ الآية. رواه البخاري في ناسخه. وأخرج ابن جرير بسنده المتصل عن شفي بن ماتع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إن الله - تبارك وتعالى - إذا كان يوم القيامة نزل ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل قد جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله تعالى للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت. ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل. ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب. قال: فما عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق. فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول


١ سورة هود آية: ١٥ – ١٦.
٢ سورة الإسراء آية: ١٨.

<<  <   >  >>