للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٩- باب " الإيمان لا يحصل لأحد حتى يكون هواه تبعا لما جاء به الرسول صلي الله عليه وسلم "

قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ

.....................................................................................................

قوله: "باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} ١ " الآية.

قال العماد ابن كثير: والآية ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت ها هنا، وكل من عبد شيئا دون الله بأي نوع كان من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة فإنما عبد الطاغوت، فإن كان المعبود صالحا كانت عبادة العابد له واقعة على الشيطان الذي أمره بعبادته وزينها له كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} ٢. وقال تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} ٣ والآية بعدها، وإن كان ممن يدعو إلى عبادة نفسه كالطواغيت، أو كان شجرا أو حجرا أو قبرا كاللات والعزى ومناة وغير ذلك، مما كان يتخذه المشركون لهم أصناما على صور الصالحين والملائكة أو غير ذلك فهي من الطاغوت الذي أمر الله عباده أن يكفروا بعبادته ويتبرءوا منه، ومن عبادة كل معبود سوى الله كائنا من كان، فالتوحيد هو الكفر بكل ما عبد من دون الله كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} الآية٤، فلم يستثن من كل معبود إلا الذي فطره سبحانه وتعالى، هذا معنى لا إله إلا الله كما تقدم في قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ} ٤ إلى قوله: {حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} ٥، وكذلك من خالف حكم الله ورسوله بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل الله أو مع الجهل بذلك، أو طلب ذلك أن يتبع عليه أو أطاعه فيما لا يعلم أنه حق إذا كان المطيع له لا يبالي أكان أمره حقا أم لا، فهو طاغوت بلا ريب كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا


١ سورة النساء آية: ٦٠.
٢ سورة سبأ آية: ٤٠-٤١.
٣ سورة يونس آية: ٢٨-٢٩.
٤ سورة الممتحنة آية: ٤.
٥ سورة الممتحنة آية: ٤.

<<  <   >  >>