للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين، نبينا محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، وعلى من تمسك بسنته، واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن أشرف العلوم ما وُضِعَ لخدمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد اعتنى علماء الإسلام بهذين الأصلين اعتناءً عظيماً لا نظير له في تاريخ الأمم. ومن أوائل فنون العلم التي نشأت لخدمة القرآن الكريم ما سمي بفن غريب القرآن. ورديفه من أنواع علم الحديث دُعي بفن غريب الحديث. والمقصود بالغريب هنا ما وقع في متن الحديث من لفظ أو أسلوب خفي معناه وأشكل لسبب من الأسباب، "وهو فن مهم يقبح جهله بأهل الحديث خاصة ثم أهل العلم عامة، والخوض فيه ليس بالهين، والخائض فيه حقيق بالتحري جدير بالتوقي" كما قال ابن الصلاح (٦٤٣هـ) ، ونُقل أن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- سئل عن حرف من غريب الحديث، فقال: "سَلُوا أصحاب الغريب، فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن، فأخطئ" (١) .

وكان نشوء هذا الفن في القرن الثاني الهجري على أيدي علماء اللغة، ثم اضطلع به العلماء الذين كانوا بجانب تمكنهم من اللغة مشاركين في علم الحديث والفقه، فأبدعوا في التأليف فيه، وكان أولَهم أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (٢٢٤هـ) . ثم تتابعت المصنفات في هذا الفن، حتى أربى عددها -فيما بلغه علمنا- على مائة مصنف.


(١) علوم الحديث: ٢٧٢.

 >  >>