للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أنه قد ظهر في البلاد جماعة لا يفرقون بين المصلح والرسول، فالرسول عندهم مصلح محض.

هذه العوامل هي التي دعتني أخيراً إلى وضع كتاب ضخم في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. ويبدو هذا العمل في بادئ الأمر سهلاً يسيراً؛ لأن هناك مئات من الكتب باللغة العربية، فلو أردت أن أؤلف كتاباً في السيرة كان عليّ أن أختار من هذه الكتب، ولم يكن يتطلب مني ذلك إلا بضعة شهور. ولكني لما قمت بهذه المهمة وجدتها صعبة وشاقة ودقيقة لم أواجه مثلها طول حياتي العلمية.

ثم إن مؤلفي السيرة النبوية لم يكتفوا في كتبهم بالروايات الصحيحة وحدها كما أشار إليه الحافظ زين الدين العراقي، وهو من شيوخ الحافظ ابن حجر العسقلاني قائلا:

وليعلم الطالب أن السيرا ... تجمع ما صحَّ وما قد أُنْكرا

ولهذا السبب تسربت الروايات الضعيفة والموضوعة إلى كتب السيرة، فكان من الضروري أن تجمع جميع الكتب الهامة في الحديث والرجال لتمحيص الروايات ونقدها؛ ليمكنني أن أؤلف كتابا في السيرة حتى يعدَّ ثقة بين الناس، ولا يستطيع شخص واحد أن يتصفح مئات من الكتب في هذا المجال ويقتبس منها المعلومات.

وكذلك كنت بحاجة إلى الاطلاع على الكتب الإفرنجية التي ألفت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فهيأ الله أن كُوِّنت لجنة من المسلمين الباحثين العارفين باللغات الإفرنجية والعربية، وبعد ذلك لم تكن موانع للقيام بهذه المهمة (١) .


(١) انظر مقدمة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم (١-٧/١٠) .

<<  <   >  >>