للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: الكتابة عند العرب بعد الإسلام

رأينا في المبحث السابق كيف أن الكتابة كانت معروفة عند العرب قبل الإسلام، لذلك نعجب لما ذكره بعض المؤرخين (١) من أسماء سبعة عشر رجلا من قريش هم فقط الذين يعرفون الكتابة عند دخول الإسلام. وقد استبعد بعض الباحثين أن تكون هذه الإحصائية دقيقة لما تتمتع به " مكة " من موقع جغرافي وتجاري وديني وخاصة أنه لم يذكر فيها بعض من اشتهر بالكتابة والعلم أمثال " أبي بكر الصديق " و" سفيان بن حرب " وغيرهم، إضافة إلى أنه ذكرت أسماء بعض النساء المسلمات الكاتبات، منهن أم المؤمنين "حفصة" رضي الله عنها و" الشفاء بنت عبد الله القرشية " رضي الله عنها وغيرهن (٢) .

وهذا يدل على أن ما ذكره بعض المؤرخين يفيد في قلة عدد الكاتبين حين ذاك دون حصرهم جميعاً.

وقد أحصى أحد الباحثين المعاصرين عدد المتعلمين في مكة عند ظهور الإسلام وجزم بأنه نحو سبعين متعلماً (٣) .

أما في المدينة فلم يتجاوز عدد الذين يعرفون الكتابة على ما ذكره بعض المؤرخين أحد عشر رجلا، وما قيل في مكة يقال في المدينة.

على أن هذه الحالة وإن كانت دقيقة إلا أنها لم تدم طويلا بعد انتشار الإسلام وما نزل من القرآن في الأمر بالقراءة في أول سورة منه، والأمر


(١) انظر فتوح البلدان ٦٦٠، وابن سعد ٣/١/٤٤٨.
(٢) انظر دراسات في الحديث ٤٧، والسنة قبل التدوين ٢٩٦.
(٣) دلائل التوثيق المبكر، د. امتياز أحمد ١٧٦.

<<  <   >  >>