للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو اليمين لذلك.

وقد يعترض كذلك: بأن الصحابة لم يكثروا من رواية السنة وقصروا العلم على القرآن، والمشهور من الأحاديث واجتهدوا بالرأي بعد ذلك:

والجواب عن ذلك: أنهم ما تركوا الحديث الصحيح ولا لجأوا إلى الرأي.. وتشهد بذلك الوقائع الكثيرة عنهم، بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: "إياكم والرأي، فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم" (١) .

وأما ما جاء من الصحابة في الاجتهاد بالرأي، فإنه لم يكن إلا بعد البحث عن الحديث، فإذا لم يجدوه اجتهدوا برأيهم. فإذا جاءهم -بعد ذلك- حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعوه وتركوا الرأي. وعن عبد الله بن مسعود قال: "من عرض له منكم قضاء فليقضِ بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله فليقضِ بما قضى فيه نبيه صلى الله عليه وسلم، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، ولم يقضِ فيه نبيه صلى الله عليه وسلم فليقض بما قضى به الصالحون، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، ولم يقضِ به نبيه صلى الله عليه وسلم، ولم يقضِ به الصالحون، فليجتهد برأيه. (٢) .


(١) أخرجه الدارقطني: (٤/٦٩-٧٠) برقم ٤٢٣٦.
(٢) أخرجه النسائي: (٨/٢٣٠) ، والدارمي: (١/٧١) .

<<  <   >  >>