للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان هذا الاتهام في عصرنا، أما المصنفون القدماء فكانوا على يقين أن السنة حفظت؛ سواء كانت في الصدور أو في الصحف والكتب؛ بل كانوا على يقين من أنه كانت هناك كتابات - وكثيرة في هذه السنين، قبل عهد عمر بن عبد العزيز - كما سيتبين في هذه الصفحات.

وكانوا يعنون بتدوين السنة جمعها في دواوين وليس ابتداء كتابتها، كما يدل على ذلك لفظ التدوين فمعناه هو تجميع الصحف في ديوان.

يقول ابن منظور في اللسان (١) : "الديوان: مجتمع الصحف"، فعلى ضوء هذا نفهم أن السنة كانت قبل نهاية القرن الأول في صحف، ثم ابتدئ في تجميعها، أي في تدوينها في عهد عمر بن عبد العزيز، وهذا ما فعله ابن شهاب الزهري، وحق له أن يقول: لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني، أي ما جمعه أحد قبلي، كما سبق.

ولا شك في أن استعمال الكتابة بمعنى التدوين في الأعصر المتأخرة واستعمال التدوين بمعنى الكتابة أسهم في هذا اللبس، وكان مادة خصبة للمستشرقين ومن لف لفهم وسار على تلبيسهم للطعن في السنة والوثوق بها.

ومما يدل على التفرقة بينهما قول ابن حجر: إن آثار النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن في عصر أصحابه وكبار من تبعهم مدونة في الجوامع ولا مرتبة (٢) .


(١) اللسان: (دون) .
(٢) هدي الساري: ص (٦) .

<<  <   >  >>