للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣] وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر وهي أيام التشريق هذا قول ابن عمر واكثر العلماء وروي عن ابن عباس وعطاء أنها أربعة أيام: يوم النحر وثلاثة أيام بعده وسماها عطاء أيام التشريق والأول أظهر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "أيام منى ثلاثة: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣] " خرجه أهل السنن الأربعة من حديث عبد الرحمن بن يعمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا صريح في أنها أيام التشريق.

وأفضلها أولها يوم القر لأن أهل منى يستقرون فيه ولا يجوز فيه النفر وفي حديث عبد الله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر" وقد روي عن سعيد بن المسيب: أن يوم الحج الأكبر هو يوم القر وهو غريب ثم يوم النفر الأول وهو أوسطها ثم يوم النفر الثاني وهو آخرها قال الله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣] قال كثير من السلف: يريد أن المتعجل والمتأخر يغفر له ويذهب عنه الإثم الذي كان عليه قبل حجه إذا حج فلم يرفث ولم يفسق ورجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ولهذا قال تعالى: {لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: ٢٠٣] فتكون التقوى شرطا لذهاب الإثم على هذا التقدير وتصير الآية دالة على ما صرح به قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" وقد أمر الله تعالى بذكره في هذه الأيام المعدودات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل".

وذكر الله عز وجل المأمور به في أيامك التشريق أنواع متعددة:

منها: ذكر الله عز وجل عقب الصلوات المكتوبات بالتكبير في أدبارها وهو مشروع إلى آخر أيام التشريق عند جمهور العلماء وقد روي عن عمر وعلي وابن عباس وفيه حديث مرفوع في إسناده ضعف.

ومنها: ذكره بالتسمية والتكبير عند ذبح النسك فإن وقت ذبح الهدايا والأضاحي يمتد إلى آخر أيام التشريق عند جماعة من العلماء وهو قول الشافعي ورواية عن الإمام أحمد وفيه حديث مرفوع: "كل أيام منى ذبح" وفي إسناده مقال وأكثر الصحابة على أن الذبح يختص بيومين من أيام التشريق مع يوم النحر وهو المشهور عن أحمد وقول مالك وأبي حنيفة والأكثرين.

ومنها: ذكر الله عز وجل على الأكل والشرب فإن المشروع في الأكل والشرب أن يسمي الله في أوله ويحمده في آخره وفي الحديث عن النبي الله صلى الله عليه وسلم:

<<  <   >  >>