للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا المنهج وحده -دون سواه- لا يغيب الجيل الإسلامي اليوم عن معترك الحياة، ولا يحيا على هامشها، أو يسلم نفسه لتيارها؛ تتخطفه مذاهبها، وتلفه أعاصيرها، وتفتك به أدواؤها، ويعبث بفكره وخلقه شياطينها، ويقذفون به في مهاوي الظلام بعيدًا عن ينبوع الحياة الطيبة الكريمة، يتخبط في سيره، وينحرف في اتجاهه، ويجري مكدودًا مرهقًا في تيه طويل وشقاء مرير.

وعلى الجيل الإسلامي الذي يجب عليه أن يرفض الوجود الخائر الزائف، الذي لا يليق بالأمة التي ينتمي إليها، أن يدرك أن دعوة الله تبارك وتعالى هي البرهان القوي الساطع على أحقية الوجود الإسلامي الرائد في هذه الحياة، وهي النور المشرق الوضاء الذي يجب أن يعمر الصدور، ويفتح العقول، ويحرك العزائم، لأداء هذه الأمانة للبشر في كل أرض وتحت كل سماء؛ مهما تزاحمت الشدائد، وتكاثف الضباب، وكثرت الصعوبات، وعظمت التضحيات..؛ فهي لكل إنسان الدليل القاطع للعذر، والحجة المزيلة للشبهات؛ تنفذ إلى العقول السليمة فتنكشف أمامها الحقائق واضحةً جليلةً، وإذا انكشفت الحقائق؛ سقطت الشبهات صرعى متهالكة، وانهارت في العقول والقلوب والضمائر وأوضاع الحياة؛ تلك الهياكل النخرة الشوهاء، التي يحاول الشر والباطل -المتمثل في المنطق الجاهلي المتخاذل- أن يقيمها زيغًا في النفوس، وزيفًا في نظم المجتمع وواقع الناس.

وبهدي هذه الدعوة وأدلتها القوية في الكون والحياة والناس، وأهدافها السامية في التحرير والتطهير ومطاردتها الباطل، ورد غوائل الفساد، ودحر نوازع العدوان..؛ تنزاح عن الإنسان تلك الرواسب الضالة الكثيفة التي تشده إلى ما يرديه، وتنأى به عما يسعده ويرضيه، وبذلك ينقى المجتمع البشري من أدران الظلم والفوضى، والتمزق والضياع..؛ وبذلك أيضًا يحيا الإنسان حياة السعادة والطهر، والاستقامة والكرامة.. وتلك هي معالم الطريق التي تتحقق بها لبني البشر -أفرادًا وجماعات- قيم الحق والخير، والعدالة والسلام.

<<  <   >  >>