للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إطار الجماعة وحدها؛ لتؤثر في حياة كل فرد تأثيرًا خاصًّا، وتوجه سلوكه توجيهًا معينًا.. وهي -على أي حال- عامل بناء أو عنصر هدم.. فإذا كانت صحيحة سليمة مرتكزة على أسس خيِّرة؛ فإنها ترتفع بالأمة وتنهض بها، وتحقق لها ما تصبو إليه من حرية وكرامة ومجد.. وإن لم تكن كذلك، بل كانت مزيجًا من الأخلاط الغربية الملتمسة من الفكر الغريب المنحرف والتوجيه الفاسد القائم على التخطيط الشرير؛ فإنها تنحدر بالأمة إلى أحط المستويات وتكبلها بالأغلال وتتركها فريسة لكل طامع..

ولهذا تعنى الأمم الحية -كما أسلفنا- بثقافتها وتعمل على حياطتها من عوامل الخلل والضعف، وتسعى جاهدة لترسيخ أسسها وتقوية سلطانها، ومدها بكل أسباب الحياة، وتصل بينها وبين أبنائها بأقوى الأواصر، وتعدها من أولى القضايا التي يعد إهمالها أو التفريط بها خطرًا كبيرًا يهدد حاضرها ومستقبلها.

ولقد عني أعداء الإسلام عناية كبيرة بثقافتهم، وسخروها لأهدافهم ومطامعهم وكان تخطيطهم الثقافي متناسقًا كل التناسق مع تخطيطهم العسكري، مدفوعًا بتلك الروح الصليبية الحاقدة التي قذفت بهم من شواطئ أوربا للسيطرة على البلاد الإسلامية، وقهر المسلمين واستعبادهم، وتكشف هذه الواقعة التاريخية عن حقيقة هذا التناسق بين التخطيطين الثقافي والعسكري:

"ففي عام ١٩٢٤م ظفر "رامون لل" بمقابلة من البابا "سلستن الخامس" وقدم له كتابين فيهما خطة للتبشير بين المسلمين في الأكثر، وكانت خطة "رامون لل" ذات شقين، أولهما: أن يتخذ العلم والمدارس وسيلة للتبشير، وثانيتها: أن يُنصَّر المسلمون بالقوة إذا لم تنفع فيهم

<<  <   >  >>