للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- هذه هي المبادئ التي سادت أوروبا حوالي قرن من الزمان، كانت الحروب فيها على أشدها، فكان كل أمير أو ملك يدعي القوة ويدعي أنه -في سبيل تكوين دولة كبرى- يحل له محاربة غيره دون سبب، فعمت الفوضى وانتشرت الحروب، وانتشر البؤس والخراب والقوة والتشريد.

ويقولون: إنه لما تبرمت الدول الأوربية بسياسة "ميكافيللي" قام من ينادون بأن الحرب يجب أن لا تقوم إلا لأسباب قوية، وأن لها إجراءات معينة، وأنها يجب أن تتسم بالرحمة، وأن السلام بين الدول والشعوب مرغوب فيه١.

ومن الواضح أن هذه الدعوات التي يجعلها الباحثون طليعة المبادئ الأساسية للقانون الدولي -وهي في خلال القرون الوسطى في أوروبا- لم تَعْد أن تكون صرخات وأمنيات، ولم تبلغ أن تكون قانونًا دوليًا معتبرًا ومصونًا، وظلت آراء "ميكيافيللي" هي السائدة والمطبقة في أروربا منذ نادى بها حتى يومنا هذا، وعلى أساسٍ من آرائه قامت الحروب الكثيرة، والخصومات المتعددة، والمنازعات الدولية الطويلة، ونشأ الاستعمار، واشتعل أُوَار الفتن والأزمات الدولية المستعصية، وعاش البشر -وما يزالون- في ظل الخوف والقلق، وسعير الحروب الفتاكة المدمرة، ونذرها التي تهدد البشرية بمزيد من المآسي والنكبات، والمحن والويلات.


١ انظر "مقارنات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية" تأليف علي علي منصور ص٧٩.

<<  <   >  >>