للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعدل طبائع الشعوب وأوضاعها وعاداتها؛ مستندًا في ذلك إلى المكتسبات العقلية والخلقية، ومبتكرات الأفراد -في الإطار العالمي طبعًا- في ميدان الفكر والعلم والتعبير..

قال في كتاب "أصالة الثقافات" -وهو مجموعة مقالات من مطبوعات اليونسكو- تحت عنوان "موقف الفلسفة تجاه تنوع الثقافات":

"يمكن تعريف الثقافات -من ناحية- بكونها أنماطًا ناشئة عن تطور تاريخي -ومن ناحية أخرى- كمجموعة من العادات يعترف بكونها مقبولة في جماعة معينة، كما يمكن متابعة آثارها في كل دوائر النشاط الإنساني كالسياسة والحقوق والفن والدين والمعرفة العقلية بمختلف صورها. إن مثل هذا التعريف لا يتعلق بثقافة وطنية معينة فحسب؛ بل يمكن أن يصدق على جماعة عالمية. وهذا ما يسمح لنا بأن نؤكد أن تنظيم السلام والأمن لا يقتضي توطيد الوضع الراهن، واتخاذ التدابير المؤدية إلى منع الخصومات المسلحة فحسب؛ بل يقتضي إنشاء نظام إيجابي عالمي يلبي بصورة دقيقة مطامح الشعوب؛ ولكن ليس على نظام من هذا النوع -كي يتلاءم على حاجات وموارد الشعوب المختلفة- أن يعكس طبائع الشعوب، أي أوضاعها وعاداتها فحسب؛ بل عليه أن يعدلها أيضًا. ولكي ننشئ هذا النظام العالمي لا بد لنا أولًا من الاستناد إلى المكتسبات العقلية والخلقية وتوطيدها، ومن الضروري كذلك أن نعير انتباهنا لكل مبتكرات الأفراد في ميدان الفكر والعمل والتعبير، وأن ننقدها ببصيرة صافية، وأن نبحث عن الميول والغايات التي تقابلها؛ ذلك أن هذه المبتكرات لا تتعلق بشروط اجتماعية وعوامل سياسية "ملائمة أو معادية" فحسب؛ بل تنشأ آخر الأمر طبقًا لمعاييرها الخاصة، معايير الحكم الخلقي أو الجمالي أو العلمي مثلًا"١.


١ أصالة الثقافات. ص٧

<<  <   >  >>