للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرق بين العام المراد به الخصوص والعام المخصوص]

الفرق بين العام المراد به الخصوص والعام المخصوص من وجوه، أهمها:

١- أن العام المراد به الخصوص لا يراد شموله لجميع الأفراد من أول الأمر، لا من جهة تناول اللفظ، ولا من جهة الحكم، بل هو ذو أفراد استعمل في فرد واحد منها أو أكثر.

أما العام المخصوص فأريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لا من جهة الحكم، فالناس في قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} وإن كان عامًّا إلا أنه لم يرد به لفظًا وحكمًا سوى فرد واحد، أما لفظ الناس في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ١, فهو عام أريد به ما يتناوله اللفظ من الأفراد. وإن كان حكم وجوب الحج لا يتناول إلا المستطيع منهم خاصة.

٢- والأول مجاز قطعًا، لنقل اللفظ عن موضوعه الأصلي واستعماله في بعض أفراده، بخلاف الثاني فالأصح فيه أنه حقيقة، وعليه أكثر الشافعية، وكثير من الحنفية، وجميع الحنابلة، ونقله إمام الحرمين٢ عن جميع الفقهاء، وقال الشيخ أبو حامد الغزالي: إنه مذهب الشافعي وأصحابه، وصححه السبكي، لأن تناول اللفظ للبعض الباقي بعد التخصيص كتناوله له بلا تخصيص، وذلك التناول حقيقي اتفاقًا، فليكن هذا التناول حقيقيًّا أيضًا.

٣- وقرينة الأول عقلية غالبًا ولا تنفك عنه، وقرينة الثاني لفظية وقد تنفك.


١ آل عمران: ٩٧.
٢ إمام الحرمين، هو عبد الملك بن أبي عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني الشافعي العراقي، وأبو المعالي، كان شيخ الإمام الغزالي، ومن أعلم أصحاب الشافعي، توفي سنة ٤٧٨ هجرية.

<<  <   >  >>