للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الناسخ والمنسوخ]

[مدخل]

...

١٤- الناسخ والمنسوخ: ١

تنزل التشريعات السماوية من الله تعالى على رسله لإصلاح الناس في العقيدة والعبادة والمعاملة. وحيث كانت العقيدة واحدة لا يطرأ عليها تغيير لقيامها على توحيد الألوهية والربوبية فقد اتفقت دعوة الرسل جميعًا إليها: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} ٢، أما العبادات والمعاملات فإنها تتفق في الأسس العامة التي تهدف إلى تهذيب النفس والمحافظة على سلامة المجتمع وربطه برباط التعاون والإخاء، إلا أن مطالب كل أمة قد تختلف عن مطالب أختها، وما يلائم قومًا في عصر قد لا يلائمهم في آخر، ومسلك الدعوة في طور النشأة والتأسيس يختلف عن شرعتها بعد التكوين والبناء، فحكمة التشريع في هذه غيرها في تلك، ولا شك أن المشرِّع سبحانه وتعالى يسع كل شيء رحمة وعلمًا، ولله الأمر والنهي {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} ٣, فلا غرابة في أن يرفع تشريع بآخر مراعاة لمصلحة العباد عن علم سابق بالأول والآخر.


١ أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون: منهم أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو داود السجستاني، وأبو جعفر النحاس، وابن الأنباري، ومكي، وابن العربي، وآخرون، انظر الإتقان جـ٢ ص٢٠. ومن المعاصرين: الدكتور مصطفى زيد "النسخ في القرآن".
٢ الأنبياء: ٢٥.
٣ الأنبياء: ٢٣.

<<  <   >  >>