للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أمثال القرآن]

[مدخل]

...

١٨- أمثال القرآن:

الحقائق السامية في معانيها وأهدافها تأخذ صورتها الرائعة إذا صيغت في قالب حسي يقربها إلى الأفهام بقياسها على المعلوم اليقيني, والتمثيل هو القالب الذي يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان، بتشبيه الغائب بالحاضر، والمعقول بالمحسوس. وقياس النظير على النظير، وكم من معنى جميل أكسبه التمثيل روعة وجمالًا، فكان ذلك أدعى لتقبل النفس له، واقتناع العقل به، وهو من أساليب القرآن الكريم في ضروب بيانه ونواحي إعجازه.

ومن العلماء من أفرد الأمثال في القرآن بالتأليف، ومنهم من عقد لها بابًا في كتاب من كتبه، فأفردها بالتأليف أبو الحسن الماوردي١، وعقد لها بابًا السيوطي في الإتقان٢ وابن القيم في كتاب أعلام الموقعين. حيث تتبع أمثال القرآن التي تضمنت تشبيه الشيء بنظيره, والتسوية بينهما في الحكم – فبلغت بضعة وأربعين مثلًا.

وذكر الله في كتابه العزيز أنه يضرب الأمثال: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ٣، {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} ٤، {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ٥, وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله أنزل القرآن آمرًا وزاجرًا، وسُنة خالية، ومثلًا مضروبًا" ٦.


١ هو أبو الحسن علي بن حبيب الشافعي، صاحب كتاب "أدب الدنيا والدين" وكتاب "الأحكام السلطانية" توفي سنة ٤٥٠ هجرية.
٢ انظر "الإتقان" جـ٢ ص١٣١.
٣ الحشر: ٢١.
٤ العنكبوت: ٤٣.
٥ الزمر: ٢٧.
٦ رواه الترمذي.

<<  <   >  >>