للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تفسير الفقهاء]

[مدخل]

...

[تفسير الفقهاء]

كان الصحابة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفهمون القرآن بسليقتهم العربية، وإن التبس عليهم فهم آية رجعوا إلى رسول الله فيبينها لهم.

ولما توفي -صلى الله عليه وسلم- وتولى فقهاء الصحابة توجيه الأمة بقيادة الخلفاء الراشدين. وُجِدت قضايا لم تسبق لهم كان القرآن ملاذًا لهم لاستنباط الأحكام الشرعية للقضايا الجديدة. فيجمعون على رأي فيها، وقلَّما يختلفون عند التعارض، كاختلافهم في عِدَّة الحامل المتوفى عنها زوجها. أهي وَضْع الحمل، أم مُضِي أربعة أشهر وعشرٍ، أم أبعد الأجلين منهما؟ حيث قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} ١، وقال: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ٢, فكانت هذه الأحوال على قلتها بداية الخلاف الفقهي في فهم آيات الأحكام.

فلما كان عهد الأئمة الفقهاء الأربعة، واتخذ كل إمام أصولًا لاستنباط الأحكام في مذهبه. وكثرت الأحداث وتشعبت المسائل ازدادت وجوه الاختلاف في فهم بعض الآيات لتفاوت وجوه الدلالة فيها دون تعصب لمذهب بل استمساكًا بما يرى الفقيه أنه الحق، ولا يجد غضاضة إذا عرف الحق لدى غيره أن يرجع إليه.

ظلَّ الأمر هكذا حتى جاء عصر التقليد والتعصب المذهبي، فقَصَر أتباع الأئمة جهودهم على توضيح مذهبهم والانتصار له، ولو كان ذلك بحمل الآيات القرآنية على المعاني المرجوحة البعيدة، ونشأ من هذا تفسير فقهي خاص لآيات الأحكام في القرآن، يشتد التعصب المذهبي فيه أحيانًا، ويخف أخرى.

وتتابع هذا المنهج إلى العصر الحديث، وهذا هو ما نسميه بالتفسير الفقهي، ومن أشهر كتبه:


١ البقرة: ٢٣٤.
٢ الطلاق: ٤.

<<  <   >  >>