للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرسالة السابعة]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

من حمد بن ناصر إلى الأخ جمعان حفظه الله تعالى

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد الخط وصل أوصلك الله إلى رضوانه وكذلك السؤال وصورته.

ما قول العلماء فيمن دفع دابة إلى آخر يسقي زرعاً بجزء من الثمرة سواء كان الدفع قبل وجود الزرع أو بعدما أخضر الزرع، وسواء كانت مدة السقي معلومة أو مجهولة مثل أن تهزل أو تعجف هل هذا جائز يشبه دفع الدابة إلى من يعمل عليها مغلها أم هذا ليس بصحيح لعدم معرفة الأجرة والجهل بالمدة إذا لم توقت.

فنقول هذه المسألة لم أقف عليها منصوصة في كلام العلماء ولكنهم نصوا على ما يؤخذ منه حكم هذه المسألة.

فمن ذلك أنهم ذكروا أن من شرط صحة الإجارة معرفة قدر الأجرة ومعرفة قدر المدة قال في المغني يشترط في عوض الإجارة كونه معلوماً لا نعلم في ذلك خلافاً انتهى.

ولكن هذه المسألة هل تلحق بمسائل الإجارة وتعطى أحكامها أم تلحق بمسائل الشركة وتعطى أحكامها مثل المساقاة والمزارعة والمضاربة وغير ذلك من مسائل المشاركات فإن قلنا أنها بمسائل الإجارة أشبه، فالإجارة لا تصح إلا بأجرة معلومة على مدة معلومة.

ولهذا اختلف العلماء في جواز إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها كثلث أو ربع فمنعه أبو حنيفة والشافعي وغيرهما وعللوه بأن العوض مجهول فلا تصح الإجارة بعوض مجهول وأجازه الإمام أحمد فمن أصحابه من قال بل هو مزارعة بلفظ الإجارة.

قال في الإنصاف والصحيح من المذهب أن هذه إجارة وأن الإجارة تصح بجزء مشاع معلوم مما يخرج من الأرض المؤجرة وهو من مفردات المذهب انتهى.

وقال في المغني إجارة الأرض بجزء مشاع مما يخرج كنصف أو ثلث أو ربع المنصوص عن أحمد جوازه وهو قول أكثر الأصحاب، واختار أبو الخطاب أنها لا تصح وهو الصحيح إن شاء الله لما تقدم من الأحاديث في النهي من غير معارض لها، ولأنها إجارة بعوض مجهولاً فلم تصح كإجارتها بثلث ما يخرج من أرض أخرى، ولأنه لا نص في جوازها ولا يمكن قياسها على المنصوص، فإن النصوص إنما وردت بالنهي عن

<<  <   >  >>