للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: قوله أن كثير من العلماء فعلوا هذه الأمور أو فعلت بحضرتهم ولم تنكر]

...

(فصل)

وأما قوله ومنها أن كثيراً من العلماء الكبار فعلوا هذه الأمور وفعلت بحضرتهم، ولم تنكر، ومن ذلك تتابعهم على بناء القباب على القبور واتخاذها أعياداً في الغالب فلكل شيخ يوم معروف في شهر معلوم يؤتى إليه من النواحي، وقد يحضرهم بعض العلماء فلا ينكر.

فالجواب من وجوه: الوجه الأول: أن يقال: قد افترض الله على الخلق طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أخبر أن من أطاعه فقد أطاع الله فقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} وقال: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} .

فإذا اختلف الناس في شيء من أمور الدين هل هو واجب أو محرم، أو جائز وجب رد ما وقع فيه الاختلاف إلى الله والرسول، ويجب على المؤمن إذا دعى إلى ذلك أن يقول سمعاً وطاعة قال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} ..فنحن نحاكم من نازعنا في هذه المسألة وغيرها من المسائل إلى الله والرسول، لا إلى أقوال الرجال وآرائهم.

فنقول لمن أجاز بناء القباب على القبور بالجص والآجر وأسرجها وفرشها بالرخام وعلق عليها قناديل الفضة وبيض النعام وكساها كما يكس بيت الله الحرام هل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا وحث عليه أم نهى عنه وأمر بازالة ما وضع من ذلك صلى الله عليه وسلمما أمرنا به ائتمرنا وما نهانا عنه انتهينا، وسنته هي الحاكمة بيننا وبين خصومنا في محل النزاع، فنقول قد ثبت في صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه الا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته، وفي صحيحه أيضاً عن ثمامة بن شفى الهمداني قال كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوى ثم قال سمعت رسول الله صلى

<<  <   >  >>