للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مقدمة الطبعة الثانية

بقلم الفقير إلى عفو ربه: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، عفا الله عنه.

الحمد لله الذي مَنَّ على عباده في كل زمان فترة بإيجاد أئمة هدى؛ يدعون الناس إلى الصراط المستقيم، ويرشدونهم إلى الطريق القويم، ويبصّرون بكتاب الله أهل العمى، ويصبرون منهم على الأذى، ينفون عن كتاب الله وعن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وتحريف الغالين، ويشرحون لهم حقيقة الدين، ويكشفون لهم الشبه بواضحات البراهين.

وكان من جملة هؤلاء الأئمة المهتدين والدعاة المصلحين؛ الإمام العلامة، والحبر الفهامة، مجدد ما اندرس من معالم الإسلام في القرن الثاني عشر، والدعي إلى سنة خير البشر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي، طيب الله ثراه، وأكرم في الجنة مثواه، فلقد شرح الله صدره لمعرفة حقيقة الإسلام وما دعا إليه سيد ولد عدنان عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام؛ من الهدى ودين الحق، في عصر استحكمت فيه غربة الإسلام، وغلب على أهله الجهل والبدع والخرافات، وعبادة الأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار، وقَلَّ فيه من يصدع بالحق، ويشرح للناس حقيقة التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، ويحذرهم من أنواع الشرك المنافية لدين الإسلام، فقام هذا الإمام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري بالدعوة إلى الله سبحانه بقلمه ولسانه، وأوضح للناس حقيقة ما بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام، وما ألصقه به الجهال والضُّلاَّل وهو برئ منه من الشرك والبدع والخرافات، وأوذي في ذلك أذى كثيراً من الجهال وأدعياء العلم، ومن علماء السوء الذين آثروا الحظ الأدنى على الحظ الأعلى، واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} ، ومن الأمراء الجهال الذين لا يهمهم إلا تثبيت مناصبهم، وتحصيل أغراضهم العاجلة.

فصبر رحمه الله على ذلك، واستمر في الدعوة

 >  >>