للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن الأمور كانت تجري على خلاف ما تتوقع قريش، فكلما بعثت رسولاً رجع يعظم شأن المسلمون ويؤكد الهدف الذي جاءوا من أجله الأمر الذي أثار حفيظتها حتى وقفت ذلك الموقف من بعض رسلها.

ورسل قريش هم١:

عروة بن مسعود الثقفي:

جاء خبر إرساله في حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، ففيه من طريق معمر: بعد أن ذكر قصة بديل قال: "فقام عروة بن مسعود فقال: "أي قوم ألستم بالوالد٢؟ قالوا: بلى، قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا، قال ألستم تعلمون أني استنفرت٣ أهل عكاظ فلما بلحوا٤ علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني قالوا: بلى؟ قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته، قالوا: ائته، فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحواً من قوله لبديل٥، فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لا أرى وجوها وإني لأرى أشواباً٦ من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص بظر٧ اللات أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد٨ كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما تكلم بكلمة أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم


١ اتبعت في ترتيبهم ما في حديث المسور ومروان من طريق معمر؛ لأنه أصح شيء في الموضوع، وفي رواية ابن إسحاق جعل مكرز بن حفص أول رسل قريش، لكن الظاهر أنه لم يرد الترتيب؛ لأنه قال في جواب النبي صلى الله عليه وسلم له: ((فقال له: مثل ما قال لأصحابه)) وهذا يفيد أن غيره قد سبقه. والله أعلم.
٢ أي أنكم حي قد ولدوني بالجملة، لكون أمي منكم، فعند ابن إسحاق عن الزهري: أن أمه سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف. فتح الباري ٥/٣٣٩.
٣ الاستنفار: الاستنجاد والاستنصار. النهاية ٥/١٩٢.
٤ بلحوا: أي أبوا، يقال: بلح الرجل إذا انقطع من الأعياء فلم يقدر أن يتحرك، كأنهم قد أعيوا عن الخروج معه وإعانته. النهاية ١/١٥١.
٥ انظر قوله لبديل ص: ١١٦.
٦ أشواباً: أخلاطاً لأن الشوب: الخلط. ترتيب القاموس ٢/٧٧٢.
٧ البظر: - بفتح الباء -: الهنة التي تقطعها الخافظة من فرج المرأة عند الختان. النهاية ١/١٣٨.
٨ جاء في رواية عبد العزيز الأمامي عن الزهري في هذا الحديث أن اليد المذكورة: أن عروة كان تحمل بدية فأعانه أبو بكر فيها بعون حسن. فتح الباري ٥/٣٤٠.

<<  <   >  >>