للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنني لآخذ بغصن من أغصان الشجرة أظل به النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبايعونه فقالوا، "نبايعك على الموت؟ قال: لا، ولكن لا تفروا"١.

ذكره الهيثمي وقال: "رواه الطبراني وإسناده جيد إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو عن غيره"٢.

قلت: شك الربيع بن أنس في شيخه الذي روى عنه يوجب ضعف الحديث، لجهالة الشيخ الذي يحتمل أنه روى عنه غير أبي العالية.

لكن عجز الحديث الذي هو موضع الشاهد ثابت من أحاديث أخرى صحيحة تقدمت قريباً.

(جـ) وقد سئل نافع على أي شيء كانت البيعة؟ فأجاب بأنها كانت على الصبر:

(٨٦) قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما: رجعنا من العام المقبل فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعناه تحتها كانت رحمة من الله فسألنا نافعاً على أي بايعهم؟ على الموت؟ فقال: لا، بايعهم على الصبر٣.

بينت هذه الروايات الشيء الذي بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة يوم الحديبية، لكن رأينا في بعضها أنه بايعهم على الموت، وفي بعضها بايعهم على عدم الفرار وفي بعضها على الصبر، فكيف التوفيق بينها؟

الواقع أنه لا خلاف بين هذه النصوص كما بين ذلك بعض العلماء:

قال الترمذي: قد بايعه قوم من أصحابه على الموت، وإنما قالوا: "لا نزال بين يديك حتى نقتل، وبايعه آخرون فقالوا: لا نفر"٤ ا. هـ

وقال ابن حجر: "لا تنافي بين قولهم، بايعوه على الموت، وعلى عدم الفرار لأن المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا وليس المراد أن يقع الموت ولا بد، وهو الذي أنكر نافع وعدل إلى قوله: "بل بايعهم على الصبر" أي على الثبات سواء أفضى ذلك


١ مسند أحمد ٥/٥٤.
٢ مجمع الزوائد ٦/١٤٦.
٣ صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد: ٢٩٥٨.
٤ سنن الترمذي ٤/١٥٠.

<<  <   >  >>