للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلا تركناهم محروبين؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامداً لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه قال: فامضوا على اسم الله"١.

نلاحظ من خلال هذا النص حدة موقف المسلمين فرسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في الإغارة على أهالي أولئك الذين قاموا بتعزيز جانب قريش ثم يستقر رأيهم أخيراً على قتال كل من حاول صدهم عن البيت.

كان هذا موقف المسلمين الذي استقر عليه رأيهم بعد المشورة، لكن رأينا بعد ذلك تصريحاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يباين ذلك الموقف تماماً.

يقول صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ... ".

بالمقارنة بين هذا النص والنص السابق نرى الفارق بينهما، ذلك أن النص السابق يشعر بالحزم والصرامة، أما الأخير فيوحي باللين والتسامح إلى حد بعيد.

فما الذي حول الموقف السابق يا ترى؟

هذه العبارة التي صدرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحمل في غضونها السماحة واللين سبقها في الحديث ما نصه: "حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته فقال الناس: حل، حل، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة ... "٢ الخ.

فهذا النص يفسر لنا الحامل لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك التصريح الذي حول موقفه الأول، فما الذي جاء في هذا النص؟

جاء فيه حادثة بروك ناقته صلى الله عليه وسلم، وإذن فبروك الناقة هو السبب في تحويل موقفه، ولا أعني ببروك ناقته البروك ذاته لكن أقصد ما وراء البروك وهو ما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة ... ".


١ صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي: ٤١٧٨ - ٤١٧٩، وتقدم تخريحه برقم (٣٥) .
٢ صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الصلح: ٢٧٣١ - ٢٧٣٢ وتقدم سنده مع طرف من أوله برقم (٣٥) .

<<  <   >  >>