للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنجاشي والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابة ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلى وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عند، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، وأنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها"١.

وجاء في حديثهما من طريق ابن إسحاق نحو ما تقدم في رواية معمر وزاد: "ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء فروا رأيكم ... "٢.

وعروة بن مسعود له منزلته وشهرته في أوساطهم، حتى قال أكثر المفسرين المراد بالآية: {وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} ٣ الوليد بن المغيرة أو عروة بن مسعود٤.

لذلك كان لكلامه وقعة في نفوسهم وقد أشار إلى ذلك مرسل عروة بن الزبير عند ابن أبي شيبة فقد جاء فيه ما نصه: "فلما سمعوا مقالته أرسلوا إليه سهيل بن عمرو ومكرز بن حفص فقالوا: "انطلقوا إلى محمد فإن أعطاكم ما ذكر عروة فقاضياه ... "٥.

وقال ابن حجر عن عروة بن مسعود: "وكانت له اليد الطولى في تقرير الصلح"٦.

وكان من بين رسل قريش الذين شنعوا عليها تلك الغطرسة أيضاً:

الحليس بن علقمة: فقد جاء خبره في حديث المسور ومروان من طريق ابن إسحاق قال: "فبعثوا الحليس بن علقمة الكناني وهو يومئذ سيد الأحابيش، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا من قوم يتألهون، فابعثوا الهدي في وجهه، فبعثوا الهدي، فلما رآه يسيل من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، رجع ولم يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم إعظاماً لما رأى فقال: يا معشر قريش قد رأيت مالا يحل صده عن البيت، الهدي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، فقالوا:


١ صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الصلح ٢٧٣١ - ٢٧٣٢، وتقدم سنده مع طرف من أوله برقم (٣٥) .
٢ مسند أحمد ٤/٣٢٤، وتقدم سنده مع طرف من أوله برقم (٣٦) .
٣ سورة الزخرف الآية: ٣١.
٤ تفسير ابن كثير ٤/١٢٦ - ١٢٧.
٥ تقدم ص:
٦ الإصابة ٦/٤١٦.

<<  <   >  >>