للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: ما حكاه ابن القيم عن ابن مهدي والمعتمر بن سليمان وجعله سبباً في اضطراب الحديث لم يسنده ابن القيم ولم يعزه لأحد ممن سبقه، ولم أرَ أحداً - بعد بحث طويل - سوى ابن القيم يذكر أن ابن مهدي أو المعتمر بن سليمان قد روى هذا الحديث عن شعبة، وكذلك لم يذكر أحد ممن رواه عن شعبة أن ابن مسعود حرسهم تلك الليلة، ولم يرد أيضاً عن شعبة أن القصة وقعت في غزوة تبوك إلا من رواية زافر بن سليمان عنه، وقد بينا شذوذه في ذلك.

والمحفوظ عن شعبة هو ما رواه الثقات وهم محمد بن جعفر غندر، ويحيى بن سعيد القطان، وأبو داود الطيالسي، فهؤلاء كلهم رووا عنه أن الحادثة وقعت عند رجوع المسلمين من غزوة الحديبية، وأن الذي حرسهم تلك الليلة هو بلال، وعلى هذا فإن ثبت ما ذكره ابن القيم عن ابن مهدي والمعتمر يكون من قبيل الشاذ، ولا يعل به الحديث، والله أعلم.

والتحقيق: أن ما ورد من اختلاف بين حديث ابن مسعود في قصة الحديبية، وغيره محمول على تعدد القصة، كما رجح ذلك النووي١ وجنح إليه ابن كثير٢ والزرقاني٣، وابن حجر٤، بل قال السيوطي: "ولا يجمع إلا بتعدد القصة"٥.


١ شرح صحيح مسلم ٥/١٨١ - ١٨٢.
٢ البداية والنهاية ٤/٢١٣.
٣ شرح الزرقاني على الموطأ ١/٤٧.
٤ فتح الباري ١/٤٤٩.
٥ تنوير الحوالك ١/٣٣.

<<  <   >  >>