للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معه ليلاً - فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأله فلم يجبه، وقال عمر بن الخطاب: "ثكلتك أمك يا عمر، نزرت١ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك"، قال عمر: "فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل فيّ قرآن، فما نشبت٢ أن سمعت صارخاً يصرخ بي" قال: "فقلت لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن، وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه" فقال: "لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} ٣.٤

وأخرجه من طريق محمد٥ بن مسلمة القعنبي وإسماعيل٦ بن أبي أويس كلاهما عن مالك به مثله وتكرر عندهما لفظ: "ثم سأله فلم يجبه" مرتين.

هذا الحديث ظاهره الإرسال، وهو مما انتقده الدارقطني على البخاري، وقد أجاب عنه ابن حجر فقال: "بل ظاهر رواية البخاري الوصل، فإن أوله وإن كان صورته صورة المرسل فإن بعده ما يصرح بأن الحديث لأسلم عن عمر ففيه بعد" قوله: "فسأله عمر عن شيء فلم يجبه فقال عمر: "نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل ذلك لا يجيبك قال عمر: "فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل في قرآن، وساق الحديث على هذه الصورة حاكياً لمعظم القصة عن عمر فكيف يكون مرسلاً، هذا من العجب٧، والله أعلم.

قلت: وقد جاء الحديث من طرق أخرى لغير البخاري يصرح فيها أسلم بأخذه هذا الحديث عن عمر: فأخرجه الترمذي من طريق محمد بن خالد بن عثمة عن مالك به، وفيه: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ... " ٨.


١ نزرت: ألححت عليه. النهاية ٥/٤٠.
٢ نشبت: أي لبثت. النهاية ٥/٥٢.
٣ سورة الفتح الآية: ١.
٤ صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي: ٤١٧٧.
٥ صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي: ٤٨٣٣.
٦ صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي: ٥٠١٢.
٧ هدي الساري ٣/٣٧.
٨ سنن الترمذي، كتاب التفسير: ٣٢٦٢.

<<  <   >  >>