للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكذب]

كذب اللسان من فضول كذب القلب، فلا تأمن الكاذب على ود، ولا تثق منه بعهد، واهرب من وجهه الهرب كله، وأخوف ما أخاف عليك من خلطائك وسجرائك الرجل الكاذب.

عرف الحكماء الكذب بأنه مخالفة الكلام للواقع ولعلهم جاروا في هذا التعريف الحقيقة العرفية ولو شاءوا لأضافوا إلى كذب الأقوال كذب الأفعال.

لا فرق بين كذب الأقوال وكذب الأفعال في تضليل العقول والعبث بالأهواء وخذلان الحق واستعلاء الباطل عليه، ولا فرق بين أن يكذب الرجل فيقول إني ثقة أمين لا أخون ولا أغدر فأقرضني مالا أؤده إليك ثم لا يؤديه بعد ذلك، وأن يأتيك بسبحة يهمهم بها فتنطق سبحته بما سكت عنه لسانه من دعوى الأمانة والوفاء فيخدعك في الثانية كما خدعك في الأولى، لا بل يستطيع كاذب الأفعال أن يخدعك ألف مرة قبل أن يخدعك كاذب الأقوال مرة واحدة؛ لأنه لا يكتفي بقول الزور

<<  <  ج: ص:  >  >>