للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البائسات]

زرت منذ أيام حاكم بلدة في منزله فرأيت بين يديه فتاة في الثانية عشرة من عمرها بائسة عليلة تشكو ألما في عنقها، وجرحا في ذراعها، وهما في نفسها، وتدير في الحاضرين عيونا حائرة مضطربة كأنما ركبت على زئبق رجراج، فسألت ما شأنها فعلمت أن أهلها زوجوها وهي في هذه السن وعلى هذه السذاجة من رجل وحشي الخَلق والخُلق, ثم زفوها إليه فحاول أن يفترشها وهي على حالة لا تستطيع معها أن تلم بفراش فامتنعت عليه فأراد اغتصابها فعجز, فضربها هذا الضرب الذي رأينا آثاره في جسمها ففرت منه إلى منزل أهلها فنقموا منها هذا الإباء الذي سموه بلادة أو غفلة, وأعادوها إلى منزل زوجها كما يعاد المجرم الفار من السجن إلى سجنه مرة أخرى، وهنالك عاد زوجها إلى عادته معها فعادت هي إلى فرارها فعاد أهلها إلى قسوتهم وجبروتهم، فلما أعياها الأمر خرجت إلى الطريق العامة هائمة على وجهها لا تعرف لها مذهبا ولا مستقرا حتى رفع إلى ذلك الحاكم شأنها بعد أيام

<<  <  ج: ص:  >  >>