للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العبرات]

كنت أغبط نفسي على التجلد والصبر, وأحسبني قادرا على الاستمساك في كل رزء مهما جل شأنه وعظم وقعه، فلما مات مصطفى كامل علمت أن من الرزايا ما لا يطاق تجرعه، ولا يستطاع احتماله.

كل يوم نرى الموت ولا نزال نعد الموت غريبا، هيهات لا غرابة في الموت، ولكن الغريب موت الغريب.

كل يوم تمر بنا قوافل الموتى فلا نأبهُ لها، وأكبر نصيبها منا الحوقلة والاسترجاع، فلما مرت قافلة مصطفى كامل دهشنا وجزعنا؛ لأنه كان غريبا في حياته، فأحرى أن يكون غريبا في مماته.

مات مصطفى كامل فعرفنا الموت وما كنا نعرفه قبل ذلك؛ لأننا ما كنا نرى إلا أمواتا ينقلون من ظهر الأرض إلى بطنها، أما مصطفى كامل فكان حيا حياة حقيقية, فكان موته كذلك.

لا يحسب الكاتبون أنهم صنعوا شيئا إذا بذلوا لذلك الفقيد

<<  <  ج: ص:  >  >>