للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خداع العناوين]

لقد جهل الذين قالوا: إن الكتاب يعرف بعنوانه، فإني لم أر بين كتب التاريخ أكذب من كتاب بدائع الزهور ولا أعذب من عنوانه، ولا بين كتب الأدب أسخف من كتاب جواهر الأدب ولا أرق من اسمه، كما لم أر بين الشعراء أعذب اسما وأحط شعرا من ابن مليك وابن النبيه والشاب الظريف.

لقد كثر الاختلاف بين العناوين وبين الكتب حتى كدنا نقول: إن العناوين أدل على نقائضها منها على مفهوماتها، وألصق بأضدادها منها بمنطوقاتها، وإن العنوان الكبير حيث الكتاب الصغير، والكتاب الجليل حيث العنوان الضئيل.

الأتقياء:

لولا خداع العناوين ما سمينا صالحا تقيا كل من حرك سُبحته، وأطال لحيته، ووسع جُبته، وكوّر عمامته، ولقد نعلم أن وراء هذا العنوان الأبيض كتابا أسود الصفحات، كثير السقطات، وأن تحت هذا الستر الحريري الرقيق نفسا سوداء

<<  <  ج: ص:  >  >>