للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أمس واليوم]

مثلنا ومثل آبائنا الأولين من قبل طلوع شمس هذا التمدين الحديث ومن بعده كمثل رجل ضل به طريقه في ليلة ليلاء غدافية الإهاب، حالكة الجلباب، قد تجسد ظلامها حتى كاد يلمس بالراح، فانقلب جوهرا بعد إذ هو عرض، فأصبح كأنما هو فحم سائل، أو مداد جامد، فأنشأ هذا الضال المسكين يخبط في ذلك الديجور ترفعه النجاد، وتخفضه الوهاد، لا يرى علما فيهتدي به، ولا يتنور نجما فيعتمد في سراه عليه.

وإنه لكذلك وقد استوت في نظره الجهات الست؛ فسماؤه أرض وأرضه سماء، ووراءه أمام وأمامه وراء، وإذا بقرن الشمس قد نجم في جبهة الأفق وأفرغ في ناظره المملوء بالظلمة قطرات ملتهبة من ذائب أشعته المتلألئة فعشي بعد أن كان بصيرا، فما أغنى عنه ذلك الضياء شيئا، وما زال في ضلاله القديم إلا أن ذلك ضلال الظلام، وهذا ظلال الضياء، وهو شر الضلالين وأقتل الداءين، فإن ضلال الظلام يتخلله بريق الأمل في الضياء،

<<  <  ج: ص:  >  >>